
لم تكن وطنا مثاليا وأعترف بأنك منحتني هزائم متكررة وكسرتني كلما فكرت أن أٌقوم اعوجاج روحي وأقف من جديد وأعترف أيضا بأنني غضبت منك كثيرا وأقسمت ذات يوم بائس أن أرحل عنك لست وطنا مثاليا أبدا تركتني احتمي بمعرفة غيرك عندما جرعتني الجهل بي وجعلتني استعين بمساعدة سواك عندما كففت يدك عني ولكنك مثلي ومثلهم تتعثر كثيرا وتقف من جديدتُخطيء دائما وفي النهاية تُصيب لست مجرد أرضا أخطو عليها أو سماء أحتمي بظلها أنت أكبر بكثير من مجرد ظل وأكثر اتساعا من رقعة أرض .لم تكن وطنا مثاليا ولم أكن أنا أيضا مواطنة مثالية أحببتُك بطريقتي أُهديك بؤسي بعد كل هزيمة لي منك أمنحك سخطي بعد كل ثورة غضب منك المهم أننا نتبادل كل شيء ابتداءا بالهواء والماء وانتهاءا بالغضب والسخط وأحيانا البكاء .أُحبك لأنك تُشبهني بكل مافيك أُحبك لأنك تحتويني وتحتويهم بانكساراتهم وبؤسهم ازدحام شوارعكووجوه العابرين التي تحمل معها حكايات غريبة أصوات أنين السيارات وقرع الأحذية على الطرقات ودعاء البائعين بالرزق من الله وتعلق اليائسين برحمه من لا أحد سواه دخان السيارات الثائر يزدحم مع دخان الشواء في المطاعم ووجوه العابرين تتلون مابين جائع ممتليء وجائع محروم وأيادي تعرف مواضع الألم فتربت عليها بحنان كل مافيك أُحبه حتى ذاك الوجع المحكي كقصة مكتوبه في وجوه المشردين نقرؤها في عصى عجوز أعمى يتلمس الطريق ويخطو بثقة برب السماء وقبعة شرطي أنهكها الحر يرفعها ليريحها فتسقط أرضا ويعود ليحملها ويترك مكانها همومه وقلة صبرهكل مافيك أُحبه حتى يأس العابرين المتعلق بخطواتهم تجده في وجه "الحجة" المكسور كالجدار البائس خلفها وأجساد النائمين التي ملت من قسوة الدنيا وتعبت من البحث عن سقف يحتويها فأختارت السماء سقفا ووأرضك يا وطني أرضا .أُحبك يا وطني ياعزي وياذُلي يا فرحي ويا حزني لأنك دائما هنا كلما تعبنا من الركض بعيدا عنك عدنا لنجدك وكلما انهكتنا الطرقات التي فشلت في احتوائنا نجد طريقك يحتضنا أُحبك يا وطني لأنني لا أُطيق البعد عنك وكلما رحلت بعيدا أختنق بالشوق اليك وافتقدُ حرك ورمال صحراءك وحتى الشاهق من جبالك لاشيء يُشبهك ولا بحرا يُقبل الأقدام بدفء كما يفعل بحرك .لست مثاليا أبدا وان كنت كذلك لصرت الوطن الوحيد للعالم كله والملجأ المتفرد لكل المشردين أنت وطنا تُشبهنا " على قدنا" مناسب جدا لمواطنين ومواطنات يحتفلون بعيدك بدلة قهوة وبصحن تمر وبيوم اجازة يفرحون به أكثر من فرحهم بك مناسب جدا لقلوب بسيطة تحن للخيمة وهي في أحضان قصر تبحث عن غبار الصحراء وهي وسط عمائر المدينة .ياوطني الأجمل كُن دائما كما أنت ولا ترتكب حُمق المثالية ولا تغرق في متاهات الصواب دائما فنحن مثلك بُسطاء ونُخطيء كثيرا بعدد حبات رملك وأكثر .يارب احفظ وطني