السبت، 19 يوليو 2008

نون4


..
مساؤك فرح يا نون يأخُذك للسماء كطائر لا مدى يحتوي أجنحته ولا فضاء يتسع لتحليقه ..
القمر اكتمل بدرا يعبر ضوءه نافذة غرفتي ويتمدد ليصل إلى كتبي وأقلامي ويصبغ ظلام الجدران ويُضيءالباهت من الألوان , فتحتُ النافذة لتغتسل ملامحي به وليُزهر قلبي فرحا بروح جديدة تُبثُ في جسد ليلي الكئيب ..
هل جربت أن تُنصت لصوت الهدوء يانون ؟؟؟ أنا فعلت ومازلت أفعل والمصيبة أنني أحببتُ الصوت وصرت أفهمه أكثر من تداعيات الضجيج من حولي , فأنا لا أكترث كثيرا لصوت محرك السيارة لأنني في الحقيقة أُحب صوت عجلاتها على الطريق ذهابا وإيابا , ولا أُحب صوت ارتطام الباب ولكنني أجد صوت دفع الهواء له في ليلة عاصفة ساحر وجدا , المسألة مجرد جنون يا نون يجعل من كل منطقي قصة تافهة تغلبها الحكايات السخيفة والأحداث التي لا معنى لها ..
.
لا أحد معي الآن وأنا التي ماتعودتُ أن أغمض أجفاني الا وألف صوت من حولي يتمنى لي أحلاما سعيدة , لا أحد بالقرب مني الآن وأنا التي ماكنت أعرف كيف يكون شكل الغرفة إن احتوت صوت نفس واحد يُشاطرها حيزها من الفراغ , ولا أحد يستمع لحكاياتي وأنا التي كنت أُبعثرها أمام أيا كان حتى وان تجاهلها فيكفيني أنه حضر بدايتها وابتسم على نهاياتها , لا أحد يضحك الآن معي أو علي وأنا التي كُنت أقلب كل جلسة عائلية إلى حفلة ضحك لا تنتهي إلا باقتراب ساعة النوم وانطفاء أضواء المجلس , لا أحد هنا يا نون يأخذُ بيد إحساسي لتكبر ثقتي بالدنيا , ولا شيء هنا يا نون يُشبهني فلا الأرض هي الأرض ولا السماء يا صديقي هي السماء , فكلاهما يضيقان بي ويتسعان من غيري ...
.
لا أحد معي سواك يا نون ولأن قلبي وفي لك حتى آخر نبضة حياة فيه سأكون وفيه له أنا أيضا وأنقل لك نبضه فأصوغ من الوجع كلمة , وأرسم من التعب ألف حرف , لعلي أُداوي بالكلمات شوق مزمن لك , وأمسح بالحروف جبين حنيني لقُربك .. هُنا أصنع من الكلمات معجزة لأنها تتشكل أُنثى كاملة بين يديك وتنحني لتُقبل وجنتيك وتترك نفسها في حضنك حرفا وتنسى هويتها معك نقطةوفاصلة
.
أتؤمن بالمعجزات يا نون ؟؟؟!! أنا أفعل وكثيرا جدا ماعلقت عليها آمالي وتشبثتُ بها كآخر قشة تُنقذني من غرق محتوم , أنا أؤمن بأن القلب مُعجزة فقط ذاك الذي ينبض حُبا ويعتصر شوقا , فهو دليل عشق يأتينا بتقرير مفصل عن ساكنيه, فنشعر بهم وكأنهم حاضرون من حولنا , نسمعهم وكأن صدى أصواتهم طيور تُحلق على رؤوس إحساسنا , ونرتاح بين أحضانهم وكأن الدنيا صارت ضيقة جدا حد التلاشي حيث نكون والتوحد معنا ,المعجزة هي ذاك الإحساس الغريب الذي يأتيك نوما أو يقظة , تشعر به لتجده حقيقة , وتؤمن حد الثمالة بأدق تفاصيله , وتقدس أبسط أحداثه ...
.
لا أشتهي الكتابة عنك اليوم و على غير العادة أترك الكلمات وأستعين بصوتك العالق في سمعي حتى الآن , استرجع أصغر كلمة وأُعيد بيني وبين نفسي أبسط تنهيدة , أُحاول إعادة كل ضحكة سمعتها منك وأضحك من جديد معها , أحاول استحضار كل قُبلة جاءتني منك وأُعيدها ألفا إليك , لا أِشتهي الكتابة إليك يا نون بل أشتهيك أنت ,أُريدك كما لم أفعل من قبل , ربما بلغ الشوق إليك نقطة أخيرة لا يستطيع تجاوزها لذلك هو معلق بين روحي وقلبي تماما كالمعلق بين قمة جبل وهاوية ..
.
أشتهيك يانون حد الخجل من كلماتي والانحناء عبورا بإحساسي بك بين حروفي , أشتهيك حد الرغبة في طمس كل سطر ومُصادرة أصغر نقطة لأنني أصبحت عارية الإحساس أمامهم وصارت رغباتي حروفا يتقاذفونها فيما بينهم جملة تلو الأُخرى ..
.
عُذرا يا سيد نون رسالتي اليوم مبتورة الإحساس , ضائعة لا تعرف أين ترسو وهي أشلاء مُبعثرة , خذها كما هي ياغالي فأنت ماعُدت ميناء ترسو عنده سفني بل أنت بحرا غارقة أنا فيه وأتنفس منه حُبا