
في كل رسالة اكتبها لك يقف اسمك مابين الشفاه يُصارع الصمت يُحاول التحرر من أسر الضعف يبحث عن صوت قوي يتعلق به ليستنشق الهواء ويتباهى بالحرية , في كل رسالة اكتبها لك أتجنب كشف هويتك , أخاف عليك من إحساسي العالي بك , تخيل يا سيدي أخاف عليك مني , من اندفاعي وجنوني من وجعي وتتابع ألمي , من يأسي وعمق وجعي , أخاف عليك من لحظة أفقد فيها صبري وأُردد اسمك بتتابع يشبه تماما تتابع الأنفاس وأكثر ..في كل رسالة اكتبها لك أخاف عليك منها فلا أبعثها إليك أبدا أتركها تائهة هنا وهناك , معلقة ما بين اليأس والأمل , ما بين الوجود والعدم , ما بيني وبين روحي ..اكتب لك اليوم لأني لا أُجيد الحديث إلا معك ,ولا أعرف كيف أسرد تفاصيل هزائمي إلا بين يديك , وكلما حاولت منح الثقة لأحد أفشل وتخذلني الكلمات فتتراجع إلى " أسمعك احكي انت "..اكتب لك اليوم لأنني احتاج لمنح كلماتي تذكرة عبور إلى فضاء أبيض لا يُشبه سجن صدري , وأحتاج لمنح أفكاري إجازة بعيدا عن وجع رأسي الذي ما فارقني منذ داهمني المرض ....أحمل حكاياتي معي كما تحمل الطفلة قالب حلوى , أركض بها بحثا عنك , أُرددها بيني وبين نفسي وأعرفجيدا متى ستضحك ومتى ستختار الصمت ومتى أيضا ستتنهد , أحمل هزائمي معي كجريح في ساحة حرب وأُدرك جيدا أي كلماتك ستداويني وأيها سيتركني موجوعة , أحمل انكساراتي معي كعابرة سبيل تائهة وأُدرك بأن يدك مهما امتهنت الغياب ستمنح ما انكسر من صبري صلابة جديدة ....كبر اليأس يا سيدي وتراجع الأمل كموجة بحر خافت من أقدام البشر فآثرت الرحيل , كبر اليأس وما بقي ليمنه سوى ذاك الذي يمنحني السعادة بشعاع شمس أُدرك بأنه سيُقبل جبينك ذات صباح , ولم يبقى لي من الفرح سوى إيماني بأن المطر إن جاء ستحمل قطراته اشتياقي لك قبلا تُبللُ وجهك ,و لم يبقى لي من الرضا سوى إحساسي بأن الله لن يخذلني مادمت بخير ... .الكلمة رسول تحمل على عاتقها كل إحساس جاء بها , تُحاول أن تصل إلى القلب الذي لولاه ما خرجت للنورصادقة كضحكة وليد ما عرف من الدنيا سوى بضع أنفاس صغيرة ,الكلمة جسر يربط ما بين الحاضر والغائب يحمل على متنه وجع فراق وحلم بلقاء صار وهما لأنه تكرر عمرا ,الكلمة وجع قلب ضاق بالصدر فبعث نبضاته كلمات يعيش بها كلما لامست قلب حبيبه ...تعبت يا سيدي, أعرف بأنك ستُردد بينك وبين نفسك "لا جديد" , نعم لا جديد سوى أنني تعبتُ من تعبي , وتعب تعبي مني , أتُدرك ما معنى أن يتعب منك التعب وتتعب منه ؟؟؟؟ يعني أنك وصلت إلى نقطة مخيفة تتساوى عندها المشاعر فالوجع كالراحة, والراحة كالوجع , والخيط الرفيع الذي يفصل بين العقل والجنون يتلاشى فلافرق بين الضحك بجنون والبكاء بعقل ففي النهاية يتغلب إحداهما فلا فاصل يقف دونهما ..."شوق" الملاك الصغير الذي بحتُ له بحبي لك ذات هيام,بلغت السنة الثانية من عمرها , , تُذكرني دائما بجنونطفلة سكنتني وربما مازالت , صارت مختلفة الآن تعرفني وتُردد "عمة " بوضوح وتفرح بهداياي وتحتوينيبعينيها فرحا , غضبا أو حتى يأسا , كبرت شوق وكبرتُ معها وقريبا سأُصبح "عمة" من جديد لصبي لن يكونبجنون "شوق" وسأُحبه كما أحببتها وأكثر ..لا جديد في كل ما تعرفه عني من حكايات قديمة , ربما الجديد أنني سأرحل إلى مكان مختلف بعد سنة من الآن وربما لن أفعل مازلت محتارة بين الرحيل والبقاء تماما كالحيرة بين العدم والفناء , .ربما وصلت إلى نهاية هذياني هنا وربما لا والأكيد يا سيدي أنني صرت أثرثر كثيرا كطفلة محمومة لا تُدرك معنى ما تنطقه من كلمات ولا تهتم كثيرا إن وصلت كما ينبغي أو لم تصل أبدا , كل ما تُريده هو أن تُشغلك معها ولو لعشر دقائق , كل ما تحلم به أن تمنحها من وقتك لحظات لها وحدها تقرأها وتضحك عليها ومعها لا يهم المهم فعلا أن تكون هنا , تقرأها بعين القلب والروح وتربت على أوجاعها بابتسامة رضا منك أو بكلمة شوق تنطقها همسا بينك وبين قلبك ...قبل أن أبتر امتداد هذياني "بنقطة" بقيت "أُحبك" أبدأ بها وانتهي , لأنها كانت ومازالت طوق نجاة أتعلق بها لأحتفظ بتوازني ولأُدرك الفرق بين الفرح والحزن , بين اليأس والأمل وبالتحديد يا سيدي بين الموت والحياة