غير

أن تكون "غير " يعني أن يرتفع عدد معارفك

وتأتي اليك الدنيا بكل من فيها

وتستيقظ كل صباح لتجد نفسك غريبا

وعالمك الأوحد غائبا عنك

وتغيب أمام احساسك الدنيا بكل مافيها..
..

..
طقوس الحب تكاد تكون متشابه متكررة مع كل عاشق

فنفس اسطوانة الشوق المشروخة ودموع الحنين المذبوحة عند أعتاب البعد

كل عاشق يعيد الحب معه نفسه

يفرح بانتصاره

يتحد مع أنامله وينساب مع أنفاسه فيكتب بأنامل العاشق انتصاراته

ونصبح بلا إدراك منا جنود للحب ورسلا لتاريخه القديم الجديد بنا

وشيئا فشيئا يلغينا الحب ليكون ويتسلق على أكتافنا ليرتفع حتى يبلغ السماء ..

لست أنا مثل غيري من النساء

لابد أنك أدركت ذلك منذ نبضة قلبك الأولى حبا في

لابد أن نقش أناملي للكلمات أمامك أخبرك عني

ولابد أيضا أن انسيابية صوتي في فضاء روحك أخبرك عني ..

لست "أنا" مثل غيري من النساء

عندما اختار لي أبي اسما أخبر أمي بأنني فتاة لن تتعلق بالأسماء كثيرا

ولن تتعبها الوجوه ولن تركض خلف الصور

أخبر أمي بأنني فتاة تجيد قراءة الإحساس

وبارعة في عد تتابع الأنفاس

كان أبي يؤمن بأنني سأكون متكأ له ذات يوم

وبأن قلبي الذي استقى من نبع حنانه سيكون بكل مافيه من بؤس مرفأ أمان لشيخوخة إحساسه يوما ..

لست أنا مثل غيري من النساء يا أبي

لماذا ألقمتني تفردي وتميزي منذ ولادتي

لماذا جعلتني أكبر وأنا أحمل عبء كوني "غير"

لماذا لم تتركني اتكأ عليك حتى لا أتكئ على أول رجل تعلق به قلبي وجاءني مختلفا جدا عنك ..

منذ بدأت أتلعثم بالحرف علمتني يا أبي أنني فتاة لا تأخذ أنصاف الكلمات

ولا تنطق الركيك من الحروف

كنت معي تتهجى الحرف وتعلقه بالحرف

تجمل وجه الكلمات لي

تجعلها إيقاعا جميلا أحبه قلبي فحفظت أول دروس الأبجدية منك " اللغة إحساس ..فقط إحساس استحال حرفا "..

بدأت مختلفة عن غيري من الأطفال صرت أنطق الكلمات بأناقة

وأمارس الثرثرة بلطف ومهارة

أحببتني جدا يا أبي أعرف هذا من حرصك علي كثروة جمعتها إحساسا بعد إحساس

وأنا أحببتك أكثر وأعرف بأنك تعرف هذا من حرصي عليك وكأنك كنزي الذي عثرت عليه بإتباعي خريطة قلبك

ليتك يا أبي لم تعلمني فن إتباع خرائط القلب حتى لا أبحر إلى جزيرة لا يسكنها سوى رجل واحد وأعلن الولاء له ..

ها أنا ذا أطرق أبواب الثلاثين لا يفصلني عن دخول عالمها سوى أربع خطوات "سنوات"

وأنت يا أبي من علمني بأن الأعوام خدعة صغيرة يضحك بها الزمن على قلوبنا حتى نهرم قبل أن نهرم

ونيأس قبل أن نيأس

لذلك لم يفلح الزمن في خداعي مر هو وبقي قلبي طفلا يتشبث بثوبك

تركتني لأواجه الحياة بقلب ضعيف ليتك علمتني أن القلب تنطلي عليه خدع الزمن فيهرم

لماذا تركت قلبي يتشبث بثوبه الأزرق حتى يكبر حبا فيه ..

ها أنا ذا يا أبي أثبت صحة نبوءتك وأتحول من فتاة "غير" إلى عاشقة "غير"

يفرح الحب بانتمائها إليه ويرقص القلب بحلولها فيه

ها أنا ذا يا أبي صرت العاشقة الأجمل

الخاسرة الأكبر انتصارا

لماذا لم تعلمني يا أبي أن قلوب الرجال تختلف ومواسم الشتاء فيها تتراوح برودتها

لماذا تركتني أؤمن بأن قلبك مقياس ثابت أضع عليه قلب أي رجل لأرى مدى التوافق وابتعد إن وجدت زوائد لا تتفق معه

لماذا لم تخبرني بأنني قد ألتقي قلبا لا يشبه إلا نفسه

وأغرق فيه عشقا ولا أكترث كثيرا بمقياس قلبك الثابت وأهيم به حبا بالرغم من الزوائد التي لا تتفق معك

لماذا يا أبي جعلت من قلبي مساحة لا تحتمل تعداد الإحساس

ولا تحتوي أكثر من ذكرى واحدة ولا يذوب فيها أكثر من رجل واحد

لماذا لم تتركني مثل غيري من العاشقات أقلب وجه قلبي كيفما شاءت الريح

أبكي بنصفه وأفرح بالآخر

لماذا لم تتركني مثل غيري من العاشقات أنجح في تمزيق الصفحة التي تؤلمني قراءتها

وأبدأ في كتابة صفحة جديدة بفرح أكبر

لماذا يا أبي كان لابد أن أكون "غير" ؟؟؟

ألم تدرك وقتها بأنني سأكون حتى في الحزن "غير"؟؟؟..

.كنت أخاف من كل شيء حتى من امتداد الظلام ليلا

وجرأة الشمس صباحا

وبعدما أحببتك صرت ألتصق بكل شيء هربا من شبح الغربة ذاك الذي لا يأتي إلا برحيلك

ولا يخيفني حضوره إلا عندما أبحث عنك وطننا وتخذلني

مضحكة أنا وجدا ومسموح أنت في الضحك علي ومني إن شئت فأنا الطفلة المدللة التي ملكت كل شيء

لتكتشف بعد طول دلال بأنها بدونك لا تملك حتى نفسها ...

كنت أخاف من كل شيء حتى من شكل النمل في طابوره الصباحي

وتحليق الفراشات حول ضوء الحديقة

وبعدما أحببتك صرت أبحث عن طوابير النمل وأراقبها

أحاول ترجمة حركاتها وأحسب عدد الأزواج وأفكر بقصص الحب التي قد تدو ربين أفراد الطابور الصباحي

أحمل أحيانا فتات الخبز وأنثره أمامها وأضحك من خوفها وهربها

وأتخيل بأنها ترى فتات الخبز حمما بركانية وأنا فوهة البركان

بعدما أحببتك صرت أتتبع الفراشات حتى البالية التي لا لون لها

أحاول الاستماع لصوت رفيف أجنحتها أعد الألوان التي تلتصق بسطحها

وأحمل ضوءا صغيرا بالقرب مني حتى تحلق عندي وأضحك عندما أراها تختار الظلام عوضا عن ضوئي

منذ أحببتك صار إحساسي بكل شيء عاليا جدا يزيد الإحساس وفي المقابل يزيد معه افتقادي لك

قد أبحث بين النمل عن نملة تشبهني حبا فيك

وبين الفراشات عن فراشة تعشق ضوء قريب من البشر كعشقي لبريق حضورك

مضحكة أنا وجدا ومسموح أنت في الضحك علي ومني إن شئت فأنا الطفلة المدللة التي لا يخدش نعومة هدوءها

شيئالتكتشف بعد طول دلال بأنها كانت تبحث عن صخب "غير" لا يجيده سوى حبك ...

أناشدك بحق من منحني بهواك لغة لا تليق إلا بك

لا تملني اقرأني بهدوء وكأنك تقرأ رموزا ونقوش على جدران كهف قديم

اقرأني بهدوء وكأنك تشرب حرفي فنجان قهوة صباحية لذيذة

أقرأني بهدوء وكأنك تحيك بكلماتي معطف إحساس يقيك برد العواطف

اقرأني بهدوء ومع كل حرف تذكر بأنني أكتبك نزفا وأشكيك للحرف فقدا ..

لا تهرب من سيف كلماتي المسلط على رقبة حبك

كن رحيما بي كما كان ومازال قلبك

فأنا الأنثى المدللة التي اكتشفت بعد طول دلال بأنها الأكثر دلال بين إناث الأرض فقط لأنها لــــــــــــــــك..
صباحك ورد بلون وجنتاي إن اشتعلت خجلا منك
.