
في مثل هذا اليوم قبل 28 سنة استنشقت الهواء للمرة الأولى وبدأت عيناي تبصر الدنيا للمرة الأولى أيضا والمضحك في الأمر أنني لا أذكر كيف كان طعم الهواء ولا حتى أول صورة التقطتها عيناي ولا أعرف كم يدا لمست جلدي الرقيق وكم عينا بكت فرحا بي وكأن الله أراد أن نظل جاهلين بخطواتنا الأولى حتى يأتي اليوم الذي نتعثر فيه بخطواتنا الأخيرة تعثرت كثيرا ربما بعدد سنوات عمري لم أصل يوما إلى حيث أريد بسهولة كنت أدرك دائما بأن الطريق مهما كان سهلا لغيري لابد أن يكون صعبا علي ذقت مرارة الهزيمة كثيرا وعرفت بعدها حلاوة الانتصار قليلا لم أيأس أبدا وكنت بعد كل انكسار أعود لأبني نفسي وأبحث عن انتصار بسيط فبالرغم من كل شيء ما كنت اغرق مهما ارتفع منسوب المياه وما كنت أسقط أبدا مهما اشتدت الريح وكل سنة تمر من عمري ازداد صلابة ومعها تزداد هزائمي وما كنت اعرف وقتها بان الصلابة مؤشر سيء وبأننا كلما تماسكنا أكثر صرنا عرضة للتفكك تماما كالأرض تحمل الكثير وتتحمل أكثر وفي لحظة انهيار متوقعة تثور براكين وتتداعى زلازل ووحدها تتجرع ألم انشطارها وتئن جبالها من انهيارها ما كنت اعرف وقتها بأن الضعف مشروع والبكاء أمام أمي جائز وبان الصراخ ألما وفي أي وقت مباح صعب جدا أن تكبر وأنت في الأصل كبير أن تفهم وأنت منذ البداية تجيد التفكير صعب أن تكون الجدار الذي يستند عليه الجميع دون أن يلاحظوا تشققاته وانهيار أطرافه صعب أن تجد الجميع حولك لأنك دائما هنا من أجلهم ومؤلم جدا أن لا تجدهم عندما تعيش من أجلك سنة واحدة في عمرك .. في مثل هذا اليوم منذ 28 سنة جئت للدنيا بقلب صغير خالي من كل شيء معدل همومه صفر ومعدل افراحة أيضا صفر في مثل هذا اليوم جئت للدنيا بعينان ما أبصرت سوى السماء ومعدل دموعها صفر وشرودها صفر أيضا بالطبع مختلفة أنا الآن وغنية جدا بكل شيء كان قلبي الصغير يجهله بالهزيمة والغضببالانكسار والضعفبالشوق والحب وأكثر وأكثر وأكثر .منذ عرفتك كل سنة تمر من عمري لا أجد فيها انجاز يذكر سواك ولا يشعر قلبي بقوته إلا بهواك منذ عرفتك فهمت ما معنى أن أعيش لنفسي وما الفائدة من الانتصار لذاتي وما الهدف وراء الرضا عن أحلامي أحببتك بعدد سنوات عمري الفائتة لأنصفها وبكيت رحيلك بعدد هزائمي الفائتة لأحتقرها حتى تدرك روحي أن لاشيء قبلك مهم وكل شيء بعدك هو الأهم , .."أغدا ألقاك ما خاف قلبي من غد لاشيء أجمل من انتظار الموعد"وعدتك باتصال صباح كل عيد ميلاد وعدت روحي بصوتك بداية كل سنة ليباركني الله ويبارك معي سنة جديدة في عمري وها أنا أقف الآن بين جنة صوتك ونار سنة قد تمر بدونه بين سماء صوتك وبئر سنة عميق جدا بدونه بين قمة صوتك الشاهقة وهاوية سنة قد تمر بدونه أخاف من صوتك وأخاف أيضا من عمر يمضي بدونه ليتك هنا احتاجك باقة ورد ميلادي هدية عمري فرح حياتي .كل سنة وأنت طيب أنا بخير
ميس 15\ 8 \ 2007